قصة المخطط التنظيمي الجديد لأعزاز من الإنشاء إلى الإلغاء.

في ظل التوسع العمراني السريع الذي تشهده مدينة أعزاز بريف حلب الشمالي، بدأت فكرة إنشاء مخطط تنظيمي جديد عام 2023، بهدف تنظيم التمدد العمراني خارج المخطط القديم، والذي لم يعد قادراً على استيعاب النمو السكاني الكبير. ومع تزايد الضغط السكاني، واعتبار أعزاز “شبه عاصمة” لمناطق الشمال، بدأت الجهود لإنشاء مخطط جديد يتسع لمليون شخص. لكن هذه الخطوة، التي بدت ضرورية، تحولت إلى قضية مثيرة للجدل، انتهت بإلغاء العمل بالمخطط بعد ضغوط شعبية واحتجاجات واسعة.
احتجاجات جديدة في اعزاز والمجلس المحلي يعلن لأصحاب العقارات إيقاف العمل بالمخطط بشكل نهائي.
البداية: لماذا وكيف تم إنشاء المخطط التنظيمي الجديد؟
بدأت فكرة المخطط التنظيمي الجديد في عام 2023، كرد فعل طبيعي للتوسع العمراني الكبير الذي تشهده مدينة أعزاز. وفقاً لرئيس المكتب الخدمي، عبدالعزيز حمدوش، فإن المدينة تشهد ضغطاً سكانياً هائلاً، مما استدعى إنشاء مخطط جديد يتسع لمليون شخص. وقد تم التعاقد مع شركة تركية متخصصة في التخطيط العمراني، وهي شركة NET PLANLAMA ENERJİ SAN.، لتنفيذ المخطط بقيمة عقد بلغت 300 ألف دولار.
عملت الشركة التركية باستخدام تقنيات متقدمة، مثل مسح القمر الصناعي والمعاينة الميدانية، لتحديد المناطق التي تم البناء فيها خارج المخطط القديم. كما قامت الشركة بحفر 240 حفرة لأخذ عينات من التربة، وتم تحديد ارتفاع المباني في المخطط بناءً على تحاليل التربة وقياس قدرة التحمل. وقد دعمت الدولة التركية عمليات المسح الميداني، مما سهل عمل الشركة.
تفاصيل إنشاء المخطط: من المسح إلى التصميم
تم توسيع مساحة المخطط التنظيمي بشكل كبير، حيث ارتفعت من 500-550 هكتار في المخطط القديم إلى 2500-2700 هكتار في المخطط الجديد، أي بزيادة تقارب خمسة أضعاف. وقد قدمت الشركة التركية أربعة مخططات، تختلف في نسبة المباني التي سيتم إزالتها خارج المخطط القديم:
1. المخطط الأول: يتضمن إزالة 40% من المباني المنشأة خارج المخطط القديم.
2. المخطط الثاني: يتضمن إزالة 25% من المباني.
3. المخطط الثالث: يتضمن إزالة 10% من المباني.
4. المخطط الرابع: لا يتضمن إزالة أي مباني. وتم اعتماده.
وقد أكد المجلس المحلي أنه لم يتدخل في صياغة المخطط، وأن الشركة التركية عملت بشكل مستقل، مع ضمانات من الولاية التركية بعدم التعرض لأي ضغوط خارجية.
المميزات التي قدمها المخطط الجديد
على الرغم من عدم اعتماد المخطط النهائي، إلا أن العمل عليه قدم عدة فوائد، منها:
– توفر المخططات المساحية بشكل دقيق لدى البلدية.
– دراسة كاملة لتضاريس المنطقة ومنسوب الارتفاعات.
– إسقاط المباني الجديدة التي تم تشييدها خارج المخطط القديم.
لماذا تم إلغاء العمل بالمخطط؟
بعد صدور المخطط، بدأت الاعتراضات الشعبية تتصاعد، حيث رأى الكثير من الأهالي أن المخطط يهدد حقوقهم في الملكية العقارية. وقد قدمت البلدية لائحة تضم 12 ملاحظة فنية على المخطط، تم مناقشتها مع الشركة التركية. ومع تصاعد الاحتجاجات، وخشية من دخول المدينة في خلافات اجتماعية، قرر المجلس المحلي إيقاف العمل بالمخطط التنظيمي الجديد.
وقد أكد المجلس أن قرار الإيقاف كان محلياً، ولم يتم تحت أي ضغوط أمنية. كما تم ترك الباب مفتوحاً أمام الدولة السورية لاتخاذ قرار نهائي بشأن المخطط في المستقبل، سواء بإقراره أو تعديله أو إلغائه.
الخلاصة: بين الضرورة والجدل
قصة المخطط التنظيمي الجديد لأعزاز تظهر التحديات التي تواجه المدن السريعة النمو، حيث يصبح التخطيط العمراني ضرورة ملحة، لكنه في نفس الوقت يجب أن يكون عادلاً ومتوازناً. بينما قدم المخطط فوائد تقنية وعمرانية، إلا أن الاعتراضات الشعبية كشفت عن حساسية القضية وضرورة مراعاة حقوق المواطنين.
يبقى السؤال: هل سيتم إعادة النظر في المخطط مستقبلاً؟ أم أن المدينة ستستمر في النمو دون تخطيط مركزي؟ الوقت وحده كفيل بالإجابة.
اقرأ أيضاً: أزمة المخطط التنظيمي الجديد لمدينة أعزاز، تعطيل العقارات وضرورات تنظيمية