إغلاق المدارس أخطر من فيروس كورونا.
لايرى الأهالي أي حاجةً لإغلاق المدارس وسط ازدحام الأسواق والنوادي والمطاعم.
متسكّعين في الشوارع، تائهين في نشأتهم.
هكذا يبدو شارع الأطفال عقب إغلاق مديريات التربية للمدارس شمال حلب، إذ أدى إغلاق المدارس للعديد من المشاكل الاجتماعية والنفسية للأطفال وعوائلهم, دون جدوى من ذلك الإغلاق.
أبرز تلك المشاكل يرويها عرفان، شاب من مدينة اعزاز في الثلاثين من عمره حين يقول:
” أرى أطفالي منتظرين على باب الدار في كل صباح، يأملون أن يذهبو لمدرستهم التي أغلقت أبوابها بسبب كورونا، الآن أفكر في تعليمهم مهنةً تضمن مستقبلهم، بسبب المدارس المغلقة”.
ووفق شهادة عرفان – والد طفلين في الصف الرابع والخامس – فإنّ الكثير من الأهالي باتوا يفكرون جدّياً في تعليم أطفالهم منهةً، عِوضاً عن التعليم.
وعلى العكس من الرواية الرسمية، التي تجعل من كورونا سبباً رئيساً لإغلاق المدارس بوجه طلاب المرحلة الانتقالية، يرى الأهالي ازدحام الأسواق شاهداً على بطلان السبب الذي أغلقت به مديريات التربية المدارس بوجه بعض طلّاب المرحلة الانتقالية، بتوجيهٍ من التربية التركية، كما أنّ طوابير المواطنين على الأفران وتجمّعاتهم في الساحات والنوادي والأعراس والعزاء يجعلك ترى ذاك القرار مجرّد ورقٍ مطبوع.
يروي أبو محمد والد طفلةٍ في الصفّ السابع لمكتب أعزاز الإعلامي عن أثر القرار على التفكّك الاجتماعي والتمييز بين الأطفال، حيث يقول في شهادته:
” في البداية كان لدي طفلة في الصف السابع، وأخرى في الصف التاسع في المنزل، لكن بعد القرار الذي أقرَّ التعليم للصف التاسع وأقصى الصفوف الأخرى، باتت سلوى – الفتاة ذات الثلاثة عشر ربيعاً – وحيدة في المنزل، حتى نظرتها لأختها تغيَّرت حين تبدَّلت أحوالها”.
وعن الموضوع ذاته يروي الكثير من سكَّان مدينة أعزاز عن عدم اهتمام التربية بالتعليم حين أعلنت عن دوامٍ يشمل المراحل الأساسية والأولى للمدرسة، ويستثني الانتقالية منها، حيث تقول فاطمة – أمٌّ لطفلةٍ في الصف الرابع – أن كورونا يستثني الأطفال في الصف الأول والثاني والتاسع والبكلوريا، ولذلك أغلقت التربية بقية الصفوف دون الصفوف المذكورة ” تقول متهكّمة “.
وبات الجهل أحد مخاوف سكَّان المنطقة مُضافاً للفقر والبطالة، حيث لايستفيد معظم الطلبة المنقطعين عن التعليم من الأشرطة المسجَّلة عبر قنوات مديرية التربية في اعزاز، وهو ماتدركه التربية حين تعلم أن معظم الطلاب لايتوفّر لهم الانترنت أو الثقافة المنزلية التي تتابع أطفالها.
وبقياس نسبة المشاهدات لأشرطة الفيديو المسجَّلة عبر صفحة مديرية التربية يُدرك القارئ أن نسب الوصول للطلّاب غير كافية.
ويتحمّل مسؤولية إعادة فتح المدارس مجلس اعزاز حين يرى عدم جدوى هذا الإغلاق، وعدم اهتمام أحدٍ بالقرارات التي صدرت سابقاً عن المجلس، تفرضُ بها السلطاتُ الحظر الكامل على الصالات والأفراح والعزاء والمطاعم والحدائق، فَعلى يمين مبنى المجلس المحلّي يقع سوق أعزاز المُمتلئ عن آخره بالباعة والزبائن، كما أنّ مطاعم المدينة لم تُغلق ولو لساعة، في حين كانت دور العزاءِ تقدّم التعازي بأشخاصٍ جائهم الأجل على إثر إصابتهم بفيروس كورونا.
حيث لم يشمل قرار الإغلاق أياً مما ذُكر، في حين شملَ المدارسَ التي لم تلبثْ أن تُعيدَ تأهيل الطلَاب عقب توقف القصف الروسي ودخول تركيّا للمنطقة.
ويُعاني قطّاع التعليم الخاص من جولات مفتّشي التربية، الذين يراقبون تطبيق القرار، الأمر الذي أدّى لأن يحضرَ بعضُ طلاب التعليم الخاص في مدارسهم بشكلٍ غير لائق، حيث ينتظرون في أقبية المدرسة ويغلقون نوافذها، ويهربون من الأبواب الخلفية إذا ضاق الأمر خلال الجولة.
على هذا الحال يرى سكّان المدينة أن إعادة فتح المدارس يجب أن يكون محطّ اهتمام الإعلام ومنظمات المجتمع المدني ونوادي الثقافة، وأن يبادر مجلس اعزاز بفتح المدارس قبل أن يدرك العام الدراسي منتصفهِ.
مكتب اعزاز الاعلامي