هذه المرّة لن أستطيع التسوّق في العيد!
مقال رأي كتبته الناشطة عرفة الموسى لمكتب اعزاز الإعلامي خلال استطلاعها لأوضاع العوائل في مدينة أعزاز.
هذه المرة لن يستطيعَ التسوّق أن يرسم البسمة على مُحيَّا أطفاله بكسوة عيدٍ وملابس جديدة، كما اعتادوا في الأعياد السابقة، معظم السكان المحليين والمهجرين في المدينة يعانون من الفقر، لاشيء إلا الفقر، فأصحاب الدخل المحدود من العمال والعاملات يشكلون اكثر من نصف القاطنين، لا يستطيعون مواجهة قدوم العيد، فكيف بالذين لا عمل ولا دخل لهم.
في كل عام يزيد الوضع الاقتصادي سوءاً، وتشهد الأسواق المحلية ارتفاعاً في الأسعار، ولا سيما في أيام الأعياد والمتعارف عليها “المواسم الشرائية”.
حيرة الامّ السورية، تقف على بابها مُجدّداً، كيف تواجه هذا التحدي الذي طالما اعتادت ان تواجهه بأساليب وحلول مبتكرة.
“عدت إلى البيت خاوية اليدين في العيد الماضي، اشتريت لطفليَّ لباسهم، وهذا العيد كنت أنوي أن اشتري للبنت، لكن الأسعار صدمتني” هذا ما قالته أم أحمد، وأكملت بلهجتها العامية:
“الفرق واضح بين أسعار هدا العيد والعيد الماضي، بربي احترت شو لازم اعمل , اشتري اليوم وفرّح قلبي بنتي ولا بنتظر ليوم الوقفة لحتى تكسر الأسعار”.
الأسعار لن تنكسر كما تأمل أم أحمد، فرغم الكساد في البضائع، وقلة حركة الأسواق، إلا أن ضرائب البضائع التجارية قد رفعت أسعارها بشكلٍ ملحوظٍ مابين العيدين.
تمثل جارتي أم احمد شريحة واسعة ممن يضطرون لشراء الملابس لبعض الأولاد، وترك البقية منهم ضمن اتفاقية عائلية صدرت بعد موافقة الجميع، على مضض، كما أن وجود مواسم شرائية خاصة ينشط فيها استهلاك الملابس يؤدي الى تأثر هذه المواسم بالظروف الاقتصادية حيث يظهر التضخم في أسعار الملابس جلياً على عمليات البيع والشراء في مواسم الأعياد.
وتختلف الأسعار من مدينة الى أخرى ومن سوقٍ لآخر، ومن محلٍ الى ما قربه من محلّات أخرى. كما أن السلوك الاستهلاكي الذي نتبعه في حياتنا وخاصة في مواسم الأعياد، يدفع ضعاف النفوس من التجار لرفع الأسعار، مع يقينهم بان بضائعهم مباعةً لامحالة.
رفع الأسعار يُجبر العوائل على استقراض المال، الامر الذي يرهق معيل/ة الأسرة ليصبح الدَين عائقاً جديداً في حياتهم، مانعاً من تطورها، أو استقلالهم.
الكثير من سكَّان المنطقة باتوا لا يستطيعون تأمين حاجياتهم الأساسية، من خبزٍ وموادَ غذائية، فكيف بشراء ملابس العيد ؟ أصبح من يشتري ملابس عيد لطفله /أب عنتر/ وقبضاي، كما تقول أم أحمد.
هذا مايدفع الكثير من الناس الى محلات الألبسة المستعملة /البالة/ والتي تشهد بدورها تنافساً بالأسعار، فيما يبقى السعر المنخفض هو المحفّزُ الأكبر للتوجه إلى هذه المحلات.
يأتي هذا العيد بمظهٍر يتجلى فيه شقاءُ الناس وانكسارهم، ودموع الأطفال تُجسّدها بصور! ماذا لو فكرنا قليلا بأن الانفاق في شراء ملابس العيد يجب ان تحكمه الضوابط العامة لمقدرة الاسرة؟
هل فكرنا بعدم الإسراف مراعاةً لظروف الفقراء والأيتام ومحدودي الدخل.
اللهم بحق الحج الأكبر فرّج عنا مانحن فيه.
عرفة الموسى